تمثل واقعة الطف الخالدة التي وقعت عام 61 للهجرة، لحظةً مفصلية في التاريخ الإنساني، تجسدت فيها أعظم معاني البطولة والتضحية والثبات على المبادئ، حين ارتفع صوت الإمام الحسين (عليه السلام) بالنداء الخالد: "هيهات منا الذلة"، ليكون منارًا للكرامة وعنوانًا للثورات ضد الطغيان على مر العصور.
ويقول الباحث الأكاديمي وعضو مجلس أمناء بيت الحكمة عبد الباقي الخزرجي، أن "واقعة الطف أغنت الذاكرة المعرفية بفيض من المعلومات التاريخية والاجتماعية حول حقبة الدولة الأموية، وكانت منجمًا للباحثين لفهم تلاحق مراحل السلطة الإسلامية في تلك الفترة الدقيقة".
وأضاف أن "استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، ومعه ثلّة من أصحابه الأوفياء، أمام جيوش جرارة، شكّل انهيارًا أخلاقيًا لذلك المعسكر، وبيّن أن مبدئية الحسين (عليه السلام) كانت أقوى من السيوف والمدافع".
ومن جانب آخر، أوضح أمين عام اتحاد الأدباء عمر السراي في حديثه، أن "الطف كانت ولا تزال مصدر إلهام شعري متدفق، فقد أنشد لها عمالقة الأدب أمثال محمد مهدي الجواهري ونزار قباني ومصطفى جمال الدين، حيث تغنوا بالموت النبيل والشهادة في سبيل الحق، واستحضرت قصائدهم مشاهد الطف وعبرت عن وجدان الأمة".
وأشار السراي إلى أن "تأمل وقائع الطف منح الشعراء والكتّاب رؤى فنية استثنائية، أثمرت منجزات أدبية ومسرحية وسينمائية باهرة، غنية بالدلالات الجمالية والرمزية".
وفي السياق ذاته، أشار نقيب الفنانين العراقيين، الدكتور جبار جودي في حديثه، إلى أن "واقعة الطف شكّلت ركيزة إبداعية لكثير من الأعمال الدرامية والمسرحية، حيث أجاد كتّاب السيناريو في توظيف معانيها العميقة في إنتاج مسلسلات وأفلام جسدت جوهر الرسالة الحسينية".
وبيّن جودي أن "الميادين الفنية الأخرى مثل الفن التشكيلي والموسيقى انضمت أيضًا إلى هذا الفيض الإبداعي، ليُعبّر الفنانون والرواديد عن الولاء للحسين (عليه السلام) من خلال أعمال باتت جزءًا من الهوية الثقافية لعاشوراء".